[right]في غزة[/right]
من أنتَ كي تحيا في وطني؟
ألا تعرفُني شاحبُ الوجه
ألا تعرفُني حينَ أولدُ وحينَ أموتُ
وحينَ يكونُ بيتي طينٌ وكهف
كأنني أعيشُ بمنفى
يُحاصرني الجوعُ والطوفانُ والإعصار
لا أملكُ غيرَ رغيفِ الخبزِ
لا أملكُ غيرَ حربٍ ونار….
في غــــــــــــــــــــزة
مررتُ في ساحاتِها وسألت
نظرتُ ورأيتُ وقرأتُ وكتبتُ وبكيتُ وعشِتُ ومتُ
وكدتُ أرى حرقةً في جدرانِها تسألنُي
ألا تعرفُ بأي تابوتٍ وضعت؟….
في غـــــــــــــــــزة
رجلٌ في الخمسينَ من عمره
يحملُ بعضَ الأوراقِ النقدية
وينادي اشتريت … اشتريت
طفلٌ صغير بابتسامةٌ جميلة
يخرجُ من فمهِ أجننت…أجننت
أولا تعرفُ أنني من الموتِ أتيت….
في غــــــــــــــزة
حين ما تأخذني إلى غزة
أخشى على نفسي من صوت الصراخ
أخشى على نفسي أن أواجه دقاتُ قلبي
أخشى على نفسي من السائل
ومن الجالسِ ومن النواح
حين ما تأخذوني يتيماً عارياً حافياُ
كأنكَ تعرفُ ألمَ الرحيل
تعبثُ بمفرداتي كأنكَ السحاب…..
في غـــــــــــــــــزة
أيها المتيمُ في شاطئِها
أهيا غزةٌ لك؟
أهيا غزةٌ عليك؟
أهيا غزةٌ منِا؟
أهيا غزةٌ فينا؟
أم هيا غزةُ دبوسٍ بين عينيك؟
في غـــــــــــــــزة
حلَ الظلامُ بيمينها
وحلَ الظلامُ بشِمالها
وشرقها وغربها
أمرر بِها وأقرأ سوادَ ليلها
ستعرفُ أنكَ في وجهِ النهار
لكنها تقسمُ إلى شقين…..
في غـــــــــــزة
البعضُ هنا يتساءل
لو كانَ شخصٌ أو أثنين
والمالُ والحالُ والولدُ كانوا عصبتين
ألا يكفي أنني قُتلت
ألا يكفي أنني حُصرت
ألا يكفي أنني من الموتِ أتيت
فكيفَ أحيا في وطنٍ
لونُ ستائرهُ دمِ
ويقسمُ إلى دولتين…..
ضياء أبو الأمل